الفصل التاسع والثلاثين | الاختبار الأخير

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إفصاح: "ربي يا أرحم الراحمين يا من أنت أعلم بما تحتاجه نفسي أكثر مني، أرزقني الخير في كل خطوة من حياتي وباعد بيني وبين ذنوبي".

إفصاح آخر "عندما أشعر بأنني يجب أن أقول شيئاً، فسأقوله حتى لو أمسكني العالم كله من رقبتي وطلب مني أن أسكت". إليف شفق

 مساحة لذكر الله

****************************************

الفصل التاسع والثلاثين



ارتجف جسدي بقوة مع كل نسمة للهواء كانت تمر بالمكان، وبالرغم من أن الجو لم يكن بتلك البرودة؛ إلا أني كنت أُخرج الكلمات بصعوبة بسبب ارتجاف فكي.

رمقت أتريوس بطرف عيني بانزعاج وأحكمت قبضتي على قميصه حولي، ملابسي وحدها ليست كافية وقميصه كان جافًا؛ لذلك استخدمته. أتمنى أن يموت من البرد، ولكن للأسف حتى مع جلوسه عاري الصدر يبدو كشخص يكسب بشرته بعض السمرة في هاواي!

"إن أردتِ شتمي فقط قوليها، نظراتكِ تدفعني للضحك" التفت نحوه بغضب وركلت قدمه بقوة "أسوأ مدرب في العالم هو أنت!" صحت به ليضحك بصوت عالٍ "حتى عندما تشتمين يظل الأمر مضحكًا" قلدته بسخرية أحاول التنفيس عن غيظي. 

"الجانب الجيد أنكِ استطعتِ التحكم في حركة الماء وجاذبيته لدقائق، الجانب السيء أنكِ ما إن أدركتِ ما تفعلينه كدتِ تقتلين كلانا"

"أوه، أجل، لان الخيار الأفضل كان رمي جسدي في الماء دون مقدمات". ضحك مجددًا، وفي كل مرة كانت ضحكته تعلو كان غضبي يتلاشى كالسحر، فكرة أنه أصبح يضحك أكثر بكثير من أتريوس الذي أعرفه دفعت شعورًا مريحًا داخلي، خاصة لأنه شخص لا يمكنك أن تتوقع أي ردود فعل منه.

"جديًا، أنتِ جاهزة بالنسبة لي... لا شيء سيدفعكِ لاستخدام العناصر الأربعة إلا القتال الجدي، وأعني بجدي: معركة حقيقية" نظرت نحوه وبادلني نظرات واثقة تؤكد حديثه "الأمر لا يتعلق بالقتال، الأمر يتعلق بمن سأقاتل، لا تسخر مني، لكني أشعر ببعض الخوف منهم… الإريبوس". 

انتظرت سخريته وضحكته العالية، لكنه زم شفتيه ونظر بعيدًا عني وبدا وكأنه يحاول ترتيب الجمل ليخرجها "إنهم مخيفون..." صوته أصبح معتدلًا ولم يجبر نفسه على النظر نحوي "جميعنا نشعر بالخوف عند قتالهم مهما أظهرنا العكس، الخوف ليس عائقًا إلا إن زاد عن الحد. إن شعرتِ بالخوف فهذا يدفع جسدك لبذل أقصى ما يملك للنجاة".

تنهدت والتفت نحوه بكامل جسدي وبنظرة ضيقة سألت "كيف بحق الله تعرف كل هذا؟ النظرة الأولى: شخص لا يتحدث سوى بلغة القتل، النظرة الثانية: شخص حكيم في كل مرة يفتح فمه سيفاجئك وسيدفع الراحة داخلك، بحق الله كيف تتقن لعب الدورين؟" ابتسمت عندما لمحت التفاجؤ على وجهه، رفع حاجبًا قبل أن يرفع زوايا شفتيه في ابتسامة خبيثة ومال نحوي لأندفع للخلف بعيدًا عنه.

"هل مرافقتي تشعركِ بالراحة؟" أبعدت عيني عنه بسرعة وفتحت فمي مستعدة للإنكار وبقوة، لكني توقفت مدركة أن الإنكار لا فائدة منه، نظرت نحو عينه الماكرة بثقة وأومأت برأسي "حديثك يشعرني بالراحة، لن أنكر!".

الاتساع الطفيف لعينه جعلني أدرك أن الصراحة مع أتريوس شيء ممتع، ضحك بقوة حتى أغمض عينه، وعندما التقط أنفاسه نظر نحوي وما زالت الابتسامة مرتسمة على وجهه "آخر حديث صريح خضته مع شخص ما أخبرني أنه يرى الموت في كل مرة ينظر لعيني". 

تجمدت لجملته، ولا إراديًا كنت أنظر لعينه أحاول اكتشاف كيف يمكن رؤية الموت في هذا اللون النقي؟ لاحظ تحديقي بعينه لتقل ابتسامته تدريجيًا ويسأل "هل وجدتِ الموت أم لا؟" سخر لأضحك لثانية وأحرك رأسي نافية.

"هناك جملة مشهورة عند البشر؛ العين بوابة الروح... لكن عندما أنظر لعينك أتساءل، أي روح أنظر لها بالضبط؟ عينك تحمل الكثير، والموت ليس إلا إضافة صغيرة، من الغباء تجاهل كل ما تقوله عينك فقط لأن الموت أحد المشاعر داخلها، أنا أرى شخصًا يقاتل الموت، ليس إلا!".

الصمت الذي مر بيننا جعلني أشعر بإحراج كبير لدرجة أني أراهن على أن وجهي سينفجر، نظرت بعيدًا عنه وتجاهلت تحديقه المستمر. "هل هذه محاولة للتغزل؟" رفعت حاجبًا والتفت نحو ابتسامته الساخرة "أوه! أمسكت بي، لقد كنت أجلس على قارعة الطريق أتغزل بالشباب في وطني سابقًا".

طرف بتعجب وهو ينظر نحوي قبل أن ينفجر في الضحك، دحرجت عيني ولم أقاوم الابتسام، ضحكته معدية بشكل غريب. "توقف عن تخيل الأمر!" صحت به، لكنه استلقى فوق الأرض لشدة ضحكه، أريد القول أني أتمنى لو لم أسخر بهذه الطريقة، لكني أشعر بالسعادة! لقد دفعت أتريوس فلورمان للضحك وبقوة، قد يبدو هذا غريبًا، لكني أعترف… صوت ضحكه يمكنني تسجيله ضمن أفضل الأشياء التي قد تحسن يومك. 

"هل يمكنك التوقف عن تخيل شكلي أغازل الشباب، كانت مزحة!" صحت به ليحاول كتم ضحكاته وينظف حلقه "هل توقفتِ عن القلق حول الإريبوس؟" سأل لآخذ نفس وأومئ "نوعًا ما، لكني لا أعرف ما الذي سنواجهه" اعتدل في جلسته وتحول لوضعه الجدي وقال:

"إنهم كأي شخص آخر، لكن قوتهم تكمن في الظلام، أي أننا سنحارب في معركة خاسرة إن قاتلنا ليلًا؛ فقوتهم تزداد أضعاف أي شخص آخر، عندما يتوفر الضوء يتمكنون من التحكم في الظلال، كما أن الضباب والبرودة تعطيهم القوة؛ فكوكبهم يغطيه الضباب، ولانعدام حرارة الشمس لديهم فالأجواء الباردة هي أجواءهم المفضلة".

قفزت صورة ذلك الغريب -وليد اللظلام- والبرودة التي كانت تسري مجرى الدماء عنده، عندما قام بتثبيت جسدي، لقد كان يتحكم بظلي! 

"في الظلام هم غير مرئيين تقريبًا، حيث يندمجون مع الظلام جيدًا، وتحكمهم بالظل قوي، لكن ليس من المستحيل التغلب عليهم… كل ما عليك فعله المقاومة ومحاولة التحرك، كلما كانت مقاومتك قوية صعب عليهم التحكم بظلك. المشكلة تكمن في اللعنة التي استخدمها ملكهم، عززت قدراتهم وأكسبتهم قدرة قوية... عندما يحل الظلام يمكنهم التحول لهيئة ضبابية سوداء أشبه بالدخان الأسود، وما إن يمروا خلال جسد الشخص…" نظر نحوي وهو عاقد حاجبيه وأردف "يتحول إلى رماد". 

ارتجف جسدي لثانية ومشهد مخيف مر داخل عقلي، أنا أتحول إلى رماد في ثانية! 

قرأ أتريوس الخوف على وجهي ليبتسم ويربت على كتفي قائلًا "لكن هذا لا يجعلهم غير قابلين للهزيمة! الضوء يمنعهم من التحول لتلك الهيئة الضبابية، إن أشعلتِ النيران حولكِ فلن يتمكن أحدهم من الاقتراب منكِ، هذه طريقة هزيمتهم، إن اقتربوا بهذه الهيئة من أي مصدر للضوء تنعكس اللعنة عليهم ويتحولوا إلى رماد".

رائع، أول ما أتقنته كان النيران، هذا يجعلني أتنفس براحة. "ماذا عن الأشخاص الذين لا يمكنهم استخدام النيران؟" سألته؛ فهو أحد الأشخاص الذين لا يستخدمون عنصر النار! "علينا تجنب الظلام وألا نسمح لهم بلمس أجسادنا عندما يأخذون تلك الهيئة، يمكنكِ ضربهم بشيء آخر، كالصخور الضخمة، حينها يعودون لهيئتهم العادية، فاستغلي الفرصة حينها واقتليهم".

كلمة القتل كانت أكثر سوداوية من كل هذا... لم أجرؤ على قتل شخص من قبل، فكرة أن هؤلاء الأشخاص يقتلون مواطنين ضعفاء لا ذنب لهم تجعل ذلك الشعور السيئ أقل قليلًا، لكنه ما زال موجودًا... القتل ليست كلمة سهلة! 

"إنهم بلا مشاعر، فأغلب هؤلاء الجنود استعملوا قوة اللعنة حتى قتلت كل حس بالرحمة لديهم، لا تشفقي على شخص ولا تشعري بالذنب لقتلهم. لا يضع الشخص قدمه داخل الميدان إلا وهو مدرك أنه قد يموت، أنتِ لا ترتكبين ذنبًا، إما موتهم أو موت عائلتكِ". زفرت وحاولت تشجيع نفسي منذ الآن لهذا الأمر، هؤلاء الأشخاص عذبوا الكثير ورأيت ذلك داخل تلك الزنازين.

"القتل ليست كلمة سهلة! التفكير بسلب روح صعب نوعًا ما" أومأ ونظر بعيدًا عني "في المرة الأولى! بالطبع، لكنها تكون جريمة إذا قتلتِ الشخص الخطأ، الشخص البريء! إن قتلتِ شخصًا يستحق القتل فأنتِ ترحمين الكثير، ستقتلين دفاعًا عن نفسك وعنهم، عليكِ الشعور بالفخر عوضًا عن الذنب" راقبت ملامحه وهو يتحدث ووجدت السؤال يخرج من بين شفتي بسلاسة "هل قتلت شخصًا لا يستحق القتل؟". 

التفت نحوي بسرعة وبدا عليه الاستغراب، صمت لمدة مما دفعني لقول "كم شخصًا قتلت بالضبط؟" ضحك ورفع كتفيه "في نظري، جميع من قتلتهم كانوا يستحقوا الموت" عقدت حاجبي وسألت مجددًا "هل هو شعور سيء عندما تقتل؟" تنهد بينما أجاب "في البداية نوعًا ما، لكن عندما تقتنع أن ذلك الشخص استحق الموت يصبح الأمر عادي".

"حسنًا، توقفي عن وضع هذه التعابير، سيكون كل شيء بخير" أومأت ونهضت أنفض ملابسي التي اتسخت بالكامل ونهض هو الآخر. "لمَ لا تجربين لمرة أخيرة التحكم في الماء قبل أن نذهب؟" نظرت نحو المياه قبل أن أنظر نحوه في تردد.

أخذت نفسًا وحديث إليف عن العناصر كان داخل عقلي ويتكرر في هذه اللحظة "حاولي بقوة!" هتف لأضحك وأحرك رأسي للجهتين "بل سأطلب وحسب" رفع كتفيه وكأنه يقول 'افعلي ما تريدين'.

فركت كفي معًا قبل أن أرفعهما نحو الماء وأغمض عيني وأرفعها بقوة للأعلى وأنا أتخيل المياه ترتفع بقوة. 

فتحت عيني أنظر للمياه! ما زالت كما هي تمامًا وأنا واقفة أرفع يدي كالحمقاء ومندمجة تمامًا. 

أغمضت عيني بانزعاج عندما انفجرت ضحكات أتريوس، إنه حقًا يملك مزاجًا جيدًا اليوم! أخفضت يدي ونظرت نحوه بغيظ. "يبدو أن الماء يحبكِ حقًا، تم رفض طلبكِ بوضوح" سخر من بين ضحكاته لأقضم شفتي وأنظر للمياه. "أرجوكِ؛ انجحي هذه المرة" همست قبل أن أدفع غضبي ليتحكم بي وألوح بقوة بيدي نحو أتريوس. 

اتسعت عيني بدهشة عندما اندفعت المياه بكمية ضخمة نحو أتريوس تضرب جسده بقوة ليغمض عينه ويدافع عن جسده برفع ذراعيه أمام وجهه. 

النظر لأتريوس المبلل بالكامل في صدمة دفعتني للضحك بانتصار والصراخ به "من يضحك الآن أتريوس؟". رفع شعره المبلل بعيدًا عن وجهه قبل أن يرفع عينه نحوي، وفي ثانية حرك ذراعيه بسرعة وبشكل دائري لتكون الرياح عاصفة قوية أنا هدفها! 

قبل أن تصلني رفعت الصخور من تحتي لتحلق بعيدًا عنه ووضعت ابتسامة انتصار ضخمة وأنا أقفز فوق الأرض لتسقط الصخرة بعيدًا. "هل تبحثين عن قتال اليوم؟" سأل لأرفع كتفي صائحة "أنت من بدأ الأمر!". أفزعتني حركة يده وهو يعاود الهجوم بالهواء، أردت منع هجومه بهجوم مائي، لكن تلويحي بيدي لم يجدِ كما أردت؛ لذلك تداركت الأمر بسرعة وتجنبت هجومه قبل أن أرفع يدي بجذور كتفت جسده ومنعت حركته.

تقدمت نحوه بابتسامة جانبية ساخرة "ماذا أفعل؟ يبدو أن مهمة قتلي تصبح أصعب يومًا بعد يوم". ضحك بسخرية قبل أن يقطع الجذور من حوله بإرياحه وفي المقابل استغل اقترابي لتلتف جذوره حولي وتدفعني بقوة نحو الشجرة التي كان يجلس عليها مستندًا منذ ثانية "لا تغتري كثيرًا، ما زالت أنا من علمكِ في النهاية". 

حاولت تحرير نفسي وأنا أراقب ابتسامته الواسعة "التلميذ يتفوق على المعلم دائمًا، كما..." خلصت نفسي من بعضها قبل أن أعيد انتباهي عليه "تبدو وكأنك تستمتع بوقتك كثيرًا معي! من الأفضل ألا تتعلق بي" رفع حاجبًا واستنكر قائلًا "وما الذي دفعكِ لاعتقاد هذا؟".

"الابتسامة المرتسمة على شفتيك طيلة الوقت!"

شقت عينه نظرة خبيثة قبل أن يقترب ويضع يده على الجذع فوق رأسي، ووجه القريب دفعني للإجفال بعيدًا عنه "أنا أستمتع بالفعل، لكن أستمتع بمشاهدتك مرتبكة كل مرة اقترب فيها منكِ".

اتسعت عيني بصدمة وابتعد هو بابتسامة ماكرة، جذوره تلقائيًا ارتخت ووقعت أرضًا ما إن ابتعد، لكني ما كنت لأتركه ليذهب مع اعتقاد خاطئ كهذا!

"انتظر لحظة! أنت شخص متوهم وبشكل كبير، أنا مرتبكة بسببك؟ بحقك، يمكنني الارتباك بسبب هارليك، ولكني لن أرتبك بسببك" توقف عن السير فجأة ولأني كنت مندفعة بقوة اصطدمت بظهره. 

مسحت أنفي بألم وانزعاج ورفعت عيني له بحاجبين معقودين. "أي أني لا أترك أي تأثير عليكِ؟" أومأت بثقة ليلتفت بابتسامة صغيرة واقترب مني لآخذ خطوة بعيدة "ولو اقتربت منكِ لن تبتعدي؟" ضغطت أسناني ضد بعضها وثبت جسدي أنظر نحوه بملل "لمَ قد أبتعد؟". وقف أمام جسدي مباشرة وكان علي رفع رأسي لأنظر له، فرق الطول بيننا مؤلم للرقبة. 

"وإن لمستك لن تمانعي؛ ففي النهاية لا يعني الأمر شيئًا!" رفعت كتفي بلا مبالاة، ولكن أراهن أن أظافري تركت أثرًا سيئًا في راحة يدي لقوة قبضتي. 

كنت أصرخ بـ 'لا تجفلي!' ما إن التفت يده حول خصري يدفعني للالتصاق به، ورأسه انخفض ليواجهني بنظرة ماكرة وابتسامة دفعتني بقوة لتمالك نفسي. "أخبرتك بأني لا أتأثر بك" صوتي بالكاد خرج، وتأكدت أنه لن يخرج بجملة أخرى عندما لمست أنامله وجنتي بلطف تبعد خصلات شعري من هناك إلى خلف أذني. 

صبرت نفسي داخليًا ورسمت أكبر تعابير باردة قد أضعها على وجهي يومًا. "سأخبركِ بمعلومة" همس أمام شفتي وعينه تحدق بكل أنش في وجهي "الشخص الطبيعي لن يتورد وجهه لدرجة الانفجار" أنامله تحركت على طول وجنتي حتى شفتي بينما يردف "ولن يحاول تقطيع شفتيه بأسنانه كما تفعلين". لم أدرك حتى أنني كنت أقضم شفتي بقوة إلا عندما سحبها بإبهامه، وما زالت تلك الابتسامة المستفزة على وجهه.

اقترب قبل أن يهمس بجوار أذني "الشخص الذي لا يتأثر يتنفس بطبيعية، جلنار… تنفسي حتى لا تقتلي نفسك".

 ابتعد قبل أن يغمز ويلتفت ويتركني بجسد متخشب في مكانه. 

إنه محق... ما إن أفلت النفس الذي كنت أحبسه بقوة شعرت بالدوار وأخذت أنفاسي وأنا أرطب حلقي. لمَ توقفت عن التنفس؟ لمَ كتمت أنفاسي؟ ولمَ ما زال جسدي يقشعر بقوة حتى الآن؟ 

لنفكر بمنطقية، أتريوس رجل! إن كان أي رجل آخر كان ليحدث الشيء ذاته! هذا منطقي، ولكنه يفهمه بشكل خاطئ وشخصي، الأمر لا يتعلق به، لا يتعلق به بالمرة، أنا متأكدة، أعني بحق الله… لمَ قد أرتبك بسبب شخص قام بمحاولات لا تعد لقتلي؟ هذا جنون! 

ضحكت عندما أدركت حماقته، وطمأنت نفسي أن الأمر عادي قد تشعر به أي فتاة يقترب منها أي رجل، لا داعي للذعر... كل شيء بخير. 

تحركت نحو المنزل وأنا أردد لنفسي كل مرة ألّا شيء غريب وأن كل شيء على ما يرام وأتريوس يحب اللعب بأعصاب غيره، لا جديد.

"جلنار!" ما إن خرجت من الغابة التفت حيث الصوت الذي نادى باسمي، رومياس ولافيان كانا يقفان معًا وكلاهما توجه نحوي "نريد الحد… ما هذا؟" طرفت بتعجب لسؤال لافيان ونظرت لجسدي قبل أن أنظر نحوهما باستغراب "لا أريد استباق الأمور، لكن أتريوس فقط قبل دقيقة دلف للمنزل عاري الصدر،أليس هذا قميصه الذي ترتدين؟ هناك الكثير من الأفكار سيئة تندفع لرأسي".

حدقت بلافيان بصدمة وبدا رومياس مصدومًا بقدري، حتى أن وجهه تحول للأحمر بالكامل. "اللعنة، لا! أنت تفهم الأمر بشكل خاطئ، لقد كنا نتدرب" رفع حاجبًا بابتسامة خبيثة "أي تدريب هذا الذي يتضمن نزع الملابس؟" دحرجت عيني وقلت بانزعاج "إن لم تلاحظ؛ لا أزال بكامل ملابسي وفوقها قميص أتريوس، أيها الأحمق!".

زم شفتيه ورفع كتفه "لقد كنا نتدرب على عنصر الماء، وقفنا أمام سطح عالٍ ثم..." صمت وأنا أتذكر ما قام به وتفاجأت برومياس ولافيان يقولان في نفس واحد "ثم قام بدفعك" لم يكن سؤالًا، كلاهما كان متأكدًا، أومأت بيأس من حالته وكلاهما قال في الوقت ذاته "أتريوس الكلاسيكي".

"الأهم هو أني تمكنت من التحكم بالماء لبرهة" اتسعت أعينهما وكلاهما صاح بحماس مبالغ فيه، من منا قد تمكن من التحكم بالعنصر؟ أنا أم هما؟ "لقد أردنا الحديث عما حدث هذا الصباح" قاطع لافيان الأجواء فجأة وبدا رومياس متوترًا "لا نريد أن تغضبي منا، كل ما حدث هو أننا كنا قلقين على هارليك... شيء كهذا كان ليقتله". 

رومياس لم يترك لي فرصة واندفع يكمل حديث لافيان "إنه أصغر من في الفريق جسديًا، أعنى أن عمره قد يكون كبيرًا، لكن نمو جسده ما زال كطفل، كخبرة فلا يزال طفلًا. أنا الأصغر بين أشقائي؛ لذلك هارليك هنا يدفعني للشعور وكأني أخ كبير له" لم أقاوم الابتسام وأنا أتذكر العلاقة اللطيفة بينهما "وأنا أملك أختًا صغيرة مليئة بالطاقة كهارليك، لكني أدركت أنه محق بعد حديثه اليوم، كان من المفترض بنا جميعًا المساعدة عوضًا عن القلق، نحن نعتذر".

انتظرت صمتهما وسألت بحاجب مرفوع "هل انتهيتما؟" أومأ الاثنين بتردد "إن تركتما لي فرصة كنت لأقول أني لست غاضبة منكما، ولا من أي شخص في الفريق، حتى أوكتيفيان، أعني أني منزعجة منه هو خاصة، لكن بقيتكم؟ لا ضغينة. أتفهم قلقكم عليه بالكامل وهذا يدفعني للاطمئنان، الفريق الذي علي قيادته يعتني كل فرد فيه بالآخر، هذا يثير الارتياح، لكن...".

بللت شفتي وكتفت ذراعي ولم أستطع منع الانزعاج الذي ظهر على وجهي "أوكتيفيان يستمر دائمًا باتهامي، ربما كان نصف غضبه سببه الخوف على هارليك، لكن النصف الآخر كان وكأنه منصب علي تمامًا، وكأني قمت بشيء خاطئ! أغدراسيل قام بتوبيخي أيضًا، لكنه لم يوجه اتهامات كالتي وجهها أوكتيفيان! وأنا على أتم التأكيد أن أغدراسيل يعلم أنى لست غاضبة منه". 

تبادل الاثنان النظرات قبل أن يتنهد لافيان قائلًا "أوكتيفيان شخص معقد، معقد جدًا… إنه لا يتهمك، إنه فقط يشعر بالشك في الجميع، وربما يضع تركيزه عليكِ لأنه..." نظر لرومياس بتردد ولكنه أكمل في النهاية "نظن أنه يغار منكِ!" حدقت بهما بتعجب "أتمزحان؟ إنه الأقوى من بيننا، لمَ قد يغار من شخص مثلي؟".

قضم لافيان شفتيه وكأنه غير مرتاح لهذا الحديث، ولكن رومياس قرر التوضيح قائلًا "ليس خطأه، لا أعلم الحقيقة، لكني سمعت أن والد أوكتيفيان رجل صعب المراس، إنه لواء في الجيش، أكثر الرجال رعبًا، كيف تظنين أن رجلًا مثله قد قام بتربية شخص كأوكتيفيان! من الطبيعي أن يحاول أن يكون أفضل من الجميع". 

والد أوكتيفيان لواء! هذا جديد تمامًا علي، تنهدت وأومأت بتفهم "في النهاية عليه هو أن يعتذر، لقد قال صراحة أني لا أهتم بحياة هارليك، بحق الله أنا قد أضع نفسي مرمى النيران من أجل ألا يموت" ابتسم رومياس ونظر للافيان قائلًا "رأيت؟ أخبرتك أنها تحب هارليك أكثر مني" بدلت عيني بينهما، ولكن لافيان رفع كتفيه وقال "في رأيي؛ لا أحد يعتني بهذا صبي بقدرك". أوقفتهما قبل أن يبدأ الجدال بينهما "كل منا يعتني بهارليك بطريقته، ولكن عليكما التركيز على أشياء أهم، هناك حرب سنبدأها، لا تقوما بتشتيت نفسيكما بأشياء لا تستحق". 

....

 أغلقت باب المنزل ما إن دخل ثلاثتنا ورائحة الطعام كانت رائعة. "ألا تتوقف واندر عن الطبخ أبدًا؟" همس لافيان بحذر ليرفع رومياس كتفه في المقابل. تحركت لأصعد لغرفتي متجاهلة وجود غالبيتهم في المكان، واتجهت لغرفتي أبدل ملابسي، ثم ركضت للأسفل لتناول الطعام وما زلت أتجاهل وجود أوكتيفيان خاصة.

وضعت واندر الأطباق وبدأ الأكثرية يجتمع حول المائدة في صمت لتناول الطعام، التقطت كأس من الماء لأرتشف القليل، سمعنا صوت باب المنزل يغلق قبل أن يدلف زوندي يدندن بلحن مألوف جدًا.

التفت نحوه بسرعة بينما هو يردد بصوت منخفض "ارفع عينك وأمسك سلاحك، اطرق الأرض وفجر غضبك، من منا ضعيف؟ من منا قد مات؟ إنها لا تدرك، أن تظل حيًا ليس بكافٍ...".

ثونار كانت تملك رد الفعل ذاته وهي تحدق بزوندي بصدمة قبل أن تبدل عينها بيننا، لاحظ تحديقنا به ليتوقف مكانه وينظر لكلانا باستغراب. "ما الخطب؟" سأل بتردد وجذب انتباه الجميع "أين سمعت هذا اللحن؟" طرف يحاول فهم مقصد ثونار قبل أن يرتفع حاجباه بإدراك "تقصدين الكلمات التي كنت أغنيها قبل قليل؟ جميع سكان الحدود يرددونها، حتى الأطفال يرددونها وكأنها نشيد وطني، يقولون أن هناك شخصًا ما من الحدود قام بغنائها".

فكي سقط أرضًا كما فعلت ثونار ولم أكد أفتح فمي حتى قاطعني صراخ هارليك وهو يقفز فوق السلالم "جلنار! أنتِ في كل مكان على شبكات الاتصال!" نظرت نحوه وهو يتجه نحوي بجهاز قام بفرده لتظهر صورة ضوئية، صورة لي وأنا أغني في حانة سانت مارينل. 

الجميع في ثانية كان متجمعًا حول هارليك، حتى أرتيانو نهض من مكانه يشاهد الفيديو المصور من زاوية شبه واضحة. "الجميع يرسل الفيديو في كل مكان ولكل شخص داخل الإلترانيوس، الكثير يردد الأغنية، أي أغنية هذه، جلنار؟" سأل بسرعة وهو ينظر نحوي ليحرك الجميع عينه ينتظر إجابة مني ربما! 

"هل هذا سيء؟" فركت يدي ببعضها أنتظر إجابة "هذا إعلان غير مباشر ضد الطبقة العُليا، ماذا تظنين؟" أرتيانو أجاب بحاجب مرفوع "ما الذي كنتِ تفكرين به بـ..." قاطعت أوكتيفيان بنظرة حادة "إن كنت تخطط لبدء اتهامي فمن الأفضل ألا تفعل" تنفس بقوة وكتف ذراعيه بامتعاض "ذهبنا للحانة واستمتعنا وجلنار قامت بالغناء، لا تضخموا الأمر، إن أردتم رأيي فما حدث يضع نقطة في صالحنا". 

اتجهت الأنظار لثونار التي أكملت "سكان الحدود شيئًا فشيئًا يضعون ثقتهم في جلنار، بل إنهم يحسبونها واحدة منهم، عندما يتم الإعلان عن كونها فارسة سنكسب محبة هؤلاء الأشخاص، إن كان شخصًا كجلنار في صفهم وهي من الفرسان؛ فهذا يعني أن الفرسان هنا للقتال لأجلهم وليس كما يشاع عنا".

"لديها نقطة جيدة هنا" قال أرتيانو مشيرًا نحو ثونار. "لكن هذا تمامًا وكأنك تدعين الناس للتمرد!" نظرت نحو جوزفين قبل أن أتنهد "ما أردت قوله قد قلته في الحانة، أتظن أنه من العادل أن تدفن طبقة لتعيش طبقة أخرى؟" ضحك أوكتيفيان بسخرية "وهل تظنينه الوقت المناسب لإثارة شيء كهذا؟".

تدخل أغدراسيل قبل أن تشتعل الأمور "رفاق، دعونا لا نأخذ الأمر بمنحنى سيء، اتفقنا؟ لنتذكر جميعًا أن جلنار بشرية ولا أحد من هؤلاء الناس يعلمون هذا، أيتخيل أحدكم رد الفعل الذي ستحصل عليه؟ ستدمر ثقتهم بنا، ولكن..." علا صوته عندما لاحظ أن أوكتيفيان سيتحدث ليقاطعه "ولكن ما تفعله جلنار حاليًا هو إعلان صريح أنها في صف الطبقة الدنيا! وقوفها أمام النبلاء بهذه الطريقة يدفعهم للثقة بقوتها، وكلما زاد إيمانهم بها قلت مشكلتنا في إخبارهم بأنها بشرية".

أومأ جوزفين باقتناع هذه المرة وكذلك البقية. "لكنكِ تضعين نفسكِ في مشكلة كبيرة مع النبلاء" تينر جام تدخل بقلق ليوافقه أغدراسيل "أجل، من هذه الناحية أنتِ تضعين نفسكِ في وجه المدفع" رفعت كتفي بلا مبالاة؛ مما أثار حفيظة أوكتيفيان "لا يمكنكِ التصرف بهذه الطريقة الصبيانية ونحن على مشارف الحرب" لن أكتم غضبي؛ لذلك صحت في وجهه "على من تكذب؟ الحرب بين النبلاء وبين الطبقة الدنيا قائمة منذ البداية، لكن الفرق أنكم لا تشعرون، أنت من عائلة نبيلة... أراهن أنك من ألفن، صحيح؟ أفرادكم متشابهون، لمَ علي الاستغراب؟". 

أعترف أني بالغت قليلًا بتلك النبرة، وإن كنت أنا في موضع أوكتيفيان لأحرقتني حية؛ لذلك تقدم نحوي ممسكًا بمقدمة ملابسي "لا تفتحي فمكِ بما لا تعرفين، الأبيض والأسود هو ما تعرفينه عن العالم فقط".

أمسكت ذراعيه وكدت أدفعه، لكن جسدي سُحب بقوة وظهر أمامي جسد أتريوس يقف في وجه أوكتيفيان، نظرت لواندر التي خرجت من المطبخ بسرعة أستنجد بها حتى لا يدمرا المنزل. "أتنكر أن النبلاء أحقر الإلترانيوسيين؟" الجميع صمت ونظر لأوكتيفيان الذي قبض فكه بقوة يمنع نفسه من لكم أتريوس "أنا على يقين أنهم ليسوا أحقر منك".

جملة كهذه لن تغيظ أتريوس، بل هو على استعداد لإثباتها عمليًا في الحال "هي لم تخطئ، ألست من عائلة ألفن؟ أخبرني مجددًا أي عائلة يكرهها سكان الحدود أكثر؟ أنا من الحدود ويمكنني الإجابة بثقة باسم ألفن! إن أرادت جلنار إعلان تمرد فأنا أول الداعمين، ألن يكون حلم جميلًا عندما نتخلص من النبلاء؟".

أوكتيفيان دفع أتريوس بقوة وكاد يلكمه، وحينها تحرك الجميع لمنعهما وبدأت الفوضى بينهم، دلكت رأسي بيأس منهم، لمحت بطرف عيني رومياس الذي يحاول مناداة الجميع، لكن بلا فائدة وحينها أجفلت بقوة عندما تغير صوته لواحد أعلى وأكثر قوة "توقفوا الآن!". 

الجميع تجمد قبل أن يلتفت لرومياس الذي تنفس بقوة قبل أن يرفع معصمه والسوار حولها يضيء بلون أحمر "تفحصوا سواركم، جميعها تضيء". رفعت يدي أنظر للسوار الذي كانت إحدى خرزاته تضيء بلون أحمر بشكل متكرر كما كانت أساور الجميع.

نظرت لهم جميعًا وبدا بعضهم متردد والآخر لمس الخرز دون انتظار؛ لذلك لمستها وأنا أنتظر ظهور شيء ما مجسم، لكنها كانت رسالة صوتية. الصوت اندفع داخل أذني ناطقًا باسم 'سيف' وحينها تذكرت الفتى الذي كان يرافق الحكيمة وكان مسؤولا عن تدريب هارليك.

"صباح الخير أيها الفرسان، آمل أنكم تحسنتم في تمارينكم وأتمنى أن صباحكم كان جيدًا" منعت نفسي من الابتسام بسخرية لصباحنا ’الجيد!’ 

"عليكم التوجه على الفور للساحة العامة، ومنها سننتظركم عند بوابة أكاديمية أولبابوس، محدد المواقع في المركبات التي تنتظركم في الخارج سيرشدكم لمكان الأكاديمية إن كنتم لا تعرفون أين هي، ننتظركم هناك، وأتمنى لكم حظًا جيدًا"

طنين انطلق معلنًا انتهاء الرسالة وحينها تبادل الجميع النظرات في صمت، أخذ زوندي نفسًا قبل أن يقول ما تبادر لأذهان الجميع "اختبار الحكيمة".

هذا أسوأ توقيت، حرفيًا الأسوأ! أراهن أننا سنقتل بعضنا عوضًا عن القتال في الاختبار، لنتمنى أن الاختبار سيكون فرديًا كالعادة! 

الجميع اتجه للمركبات التي لا نعلم حتى متى تم جلبها إلى هنا، وكيف، ومن قام بجلبها؟ تحركت نحو الأكاديمية التي لم أرها سوى مرة من بعيد. 

الجميع أخذ رفيقًا له وبدا وكأن الجميع يعرف أني سأذهب مع أتريوس بالرغم من أني لم أرد البقاء معه هذه المرة لأن هذا مربك، ليس كثيرًا لأن يوجين لحقنا في الثانية الأخيرة وأنا من نسيت أمره تمامًا اليوم!

"لمَ تبدوان كزوجين خاضا شجارًا؟" نظرت ليوجين بطرف عيني وتجاهلته "أعني أنتما تتشاجران بعد المشاجرة، ثم تأخذان استراحة من المشاجرة بالشجار مجددًا، لكن الأمر وكأن شيئًا ما حـ..." قاطع سخافة يوجين صوت أتريوس الذي قال "أنت لا تثرثرين كالعادة!" دحرجت عيني ونظرت نحوه "انا لا أثرثر في العادة" رفع كتفيه وعينه ثابتة على الطريق "هذا رأيكِ أنتِ". 

"رأي أنك تفتقد حديثي الآن". ضحك وحرك رأسه للجانبين "أنا أفعل". نظرت نحوه بصدمة لكنه لم يبادلني النظر، هل يسخر أم يعترف؟ لأني لا أعرف كيف أفرق بينهما بعد الآن مع أتريوس! 

"هل حقًا تخططين للتمرد؟" قال فجأة مما دفع يوجين لسؤال "أي تمرد؟" نظرت للنافذة الزجاجية حيث مركبة جوزفين ولافيان تحلق بجوارنا ولسبب ما كان جوزفين شاحب الوجه بينما ملامحه منكمشة بخوف!

"ليس تمامًا، أنا فقط غير مرتاحة مع صمت سكان الحدود، أعني… بحق الله لقد قاموا بجر فتى أمام الجميع وكسروا أنفه وكادوا يقتلوه ولم يتحرك أحد سوى الحداد!".

لاحظت نبرة صوتي التي ارتفعت وابتسامة أتريوس الساخرة "ليس تمامًا؟ أنتِ مستعدة لحرق النبلاء بهذه الطريقة" تنهدت وأسندت رأسي للخلف. أكاديمية أولبابوس كانت تقترب منا ومن فوقنا أرض الوسطاء.

 "لدينا أشياء أهم حاليًا للاهتمام بها" أنهيت الحديث وأنا أحدق بمبنى الأكاديمية الضخم والذي يبدو قديمًا، ولكنه صامد. سور ضخم كان يحيط مبنى الاكاديمية لم نتمكن من التحليق فوقه.

استقرت المركبات فوق الأرضية وترجل الجميع منها. السور الضخم كان يقف أمام بوابته حارسان بوجه جامد، ما إن تقدمنا حتى دفع كلاهما البوابة لندخل بصمت.

الساحة كانت ضخمة ينتصفها تمثال ضخم لرجل عرفته منذ النظرة الأولى، جولديان! 

حوله كان أصيص لنباتات غريبة، ولكنها جميلة، وبعض الزهور. الساحة بالكامل كانت خضراء، الكثير من النبات الأخضر في المكان، إلا الطريق المفروش بالرخام نحو بوابة الأكاديمية.

الطريق ينقسم إلى ثلاث طرق أمام البوابة الضخمة، طريق لداخل مبنى داخلي ضخم أشبه بصرح عبادة من الخارج، وطريقين يلتفان حول المبنى.

البوابة الضخمة كانت مزينة بنحت يمثل عناصر الطبيعة الأربعة، كتب السحرة الخاصة بالشعوذة وشكل مبسط للمستذئبين، العلامة الخاصة بمتحكمِ الكائنات تحت أعينهم كانت موجودة أيضًا، نحتٌ للعملاق كان موجودًا، وأيضًا لأقنعة المتنكرين ورمز الحياة اللا نهائية للأموات، الأجنحة كانت تحيط كل هذا والأدوات التي كانت تلتحم معًا تحتها رجل قصير أشبه بطفل، العباقرة وصانعي الأدوات، كل نحت كان يرمز للكواكب العشرة متشابكة معًا في شكل فني، ولكن ما جذب انتباهي هي العلامة التي توسطت أعلى البوابة، علامة الشمس والهلال مجتمعين معًا!

على جانبي البوابة كان هناك تمثالين لمخلوق مرعب يقف بشموخ بجسد أشبه بجسد الأسود وله نابين طويلين وأجنحة ضخمة. 

المبنى من الخارج على جداره العشرات من الكلمات والرسوم التي تم نحتها بإتقان ولا يمكنك فهم معانيها من نظر واحدة. أبعدت عيني عن المبنى بصعوبة عندما صدح صوت سيف وسكارليت يرحبان بنا قبل أن يشيرا لنا نحو البوابة لنتقدم.

انفتحت البوابة لوحدها لندخل إلى مكان مصنوع من الرخام البارد ذهبي اللون وهناك ألواح بيضاء في كل مكان عليها الكثير من الأسماء. "إنهم أفضل من تخرج من الأكاديمية" وضح هارليك بحماس، وبالرغم من أنه كان يهمس إلا أن صوته كان واضحًا جدًا بسبب الصمت المرعب في المكان.

عبرنا من خلال بوابة أخرى إلى ساحة داخلية يلتف المبنى حولها، بالإضافة للطابق الأرضي فهذا المبنى يتكون من ستة طوابق أخرى!

لمحت مجموعة تمشي بانتظام وترتيب عبر ردهة في الطابق الثاني يرتدون زيًّا محددًا، سترات زرقاء بدرجة غامقة على كتفها خطين من اللون الذهبي والأبيض، قميص أبيض اللون مع ربطة عنق سوداء، تنورة رمادية للفتيات وسراويل للفتيان، بالرغم من هدوئهم وانتظامهم إلا أن أنظارهم حلقت نحونا في فضول وشيئًا فشيئًا بدأت ألمح الكثير من الأعين التي تحدق بنا، بعضها فضولي وبعضها بارد وغير مبالٍ!

الابتسامات الوحيدة التي كنت أراها على وجوههم كانت ساخرة أو ساخرة أو لا شيء! وجوه جامدة وكأنهم دمى، وهذا كان مخيفًا أكثر من تنمر فيرونيكا! 

عبرنا الساحة الداخلية نحو الجهة الأخرى من المبنى نتبع سيف وسكارليت بصمت، انتقلنا لمبنى آخر كان الطلبة فيه كثر والأحاديث تضرب الجدران الرخامية الذهبية، لكنها اختفت ما إن خطت أقدامنا المكان الذي يتدلى من سقفه ثُرية ضخمة أشبه بفرع شجرة ضخم ومتفرع تزينه قطع أشبه بالألماس تنير المكان.

أصبح الجميع يراقبنا، ولم يبدُ أي من سيف أو سكارليت مهتمًا بإخفائي وتهريبي حتى لا يراني أحدهم. 

"انتظروا هنا، ستأتي الحكيمة لأخذكم شخصيًا" قال سيف ما إن توقفنا أمام غرفة ما بابها تغير لونه فجأة وكتبت كلمة 'النائب' لوحدها، السحر في كل مكان! 

ابتعد سيف وتحركت سكارليت تفتح الباب من أجلنا، قبل أن تبتعد كدت أدخل، لكني توقفت عندما سمعت صوتًا يقطع الصمت بشكل صاخب "الفرسان؟ يا إلهي، أنت الفارس من سكان الحدود!".

التفت لصاحب الصوت كما فعل الجميع تقريبًا، فتى بابتسامة ضخمة ركض نحونا وشعره الأشقر ذو الأطراف الغامقة تبعثر حول وجهه مبرزًا عينه عسلية اللون، كان ينظر لأتريوس ولا شخص آخر وانحنى باحترام قبل أن يصيح بحماس "أنت هو السيد فلورمان، صحيح؟ أقوى الفرسان. بالرغم من أنك من الحدود، إلا أنك تحمل هبتين! أنا معجب كبير بك، سيد فلورمان، وأطمح لأن أكون مثلك يومًا". 

مال يوجين نحوي ساخرًا "المسكين لا يعرف الحقيقة". 

حدق أتريوس به بلا تعبير قوي يدل على اندهاشه أو تفاجؤه، لاحظت نظرات الجميع المنزعجة والكارهة نحو الفتى وكأنه فعل شيئًا شنيعًا، بينما هو لم يبالِ؛ فقد جالت عينه علينا جميعًا قبل أن تتوقف علي "من أنتِ؟ لا أتذكر أنكِ ضمن الفرسان الذين تم الا..." توقف عندما قاطعه صوت قوي "جايدن رولان، ما الذي تظن نفسك فاعله؟".

اتسعت عين الصبي قبل أن ينظر للخلف ببطء نحو طالبٍ أكثر طولًا منه وربما أكثر نضجًا. "كيف تجرؤ على التحدث مع ضيوفنا بهذه الطريقة أيها الشمالي؟" ظننت أن شجارًا سيشب على الحال، لكن جايدن ذاك دحرج عينيه وكتف ذراعيه قائلًا "شكرًا لتنبيهي، أنستي. ماذا تريد، دراك؟". 

الفتى الأكبر دراك قبض فكه بقوة ويده كانت تكبح نفسها حتى لا تلكم الأصغر. "إنهم يطلبونك حالًا" أجفل جسد جايدن قبل أن يزفر ويهمس بشيء ما ويركض متجاوزًا جسد دراك. 

الأكبر انحنى باحترام ليسقط شعره الأسود قبل أن يقول بنبرة خالية من أي مشاعر "أعتذر لتصرف طالبنا الوقح، سأتأكد من أن يحصل على لجنة تأديب" وبهذا كان انسحب من أمامنا دون كلمة. 

"بدأت اشتاق لجايدن ذاك من الآن" علق يوجين وهو يشاهد جسد دراك يبتعد. 

التفتنا لندخل، لكن صوت عكاز الحكيمة دفعنا لندرك أننا لن ندخل لذلك المكتب، التفت الجميع نحوها وأعني الجميع حرفيًا، وهي لم تنطق بكلمة، فقط أومأت لنا برأسها قبل أن تتجاوزنا وتسير نحو مكان لا نعرفه، فتبعناها دون سؤال.

"كم أتمنى رؤية هذه العجوز ميتة" همس أتريوس وهو يحدق بظهرها "لن تعيش لترى هذا" ردت بكل برود لأحاول كتم ضحكتي على تعبير أتريوس المتململة.

عبرنا تلك القاعة الضخمة المليئة بالطلاب نحو بوابة أخرى ضخمة وبدأت أظن أن البوابات لن تنتهي في هذا المكان! اندفعت البوابة وحدها لتعبر الحكيمة بصمت ونحن نتبعها جاهلين بما سيحدث. ضوء الشمس ضرب عيني، هذا وقت الغداء وأنا لم أتناول الغداء! أكره هذا اليوم حقًا. 

كنا نقف في ساحة دائرية ضخمة حولها جدار عالي، أمامنا كانت هناك مجموعة من الطلاب يقفون في صفوف منتظمة، ربما عشرون وما يفوق! الحكيمة وقفت أمامنا وقالت بصوت واضح "هذا هو اختباركم أيها الفرسان، لكن هذه المرة لست من سيتحدث، الحكيم جليبار هو من سيخبركم ما سيحدث". 

ابتعدت من أمامنا ليبتسم أتريوس وكأنه تخلص من عقدة حياته، مكان الحكيمة وقف رجل بدا مألوفًا لدرجة كبيرة، عندما رفع وجهه نحونا اتسعت عيني بصدمة، إنه ذلك الشخص… عندما جاء فلوريان ألفن وحاول القتال أمام المنزل، الشخص الذي أوقف القتال… الذي ظهر واختفى في دقائق، إنه هو! 

خصلات بيضاء مختلطة بالسواد وأعين ثابتة زرقاء وقامة طويلة وصلبة، إنه حكيم!

"ثلاثون طالب هم النخبة في هذه الأكاديمية، ممنوع عليهم منعًا باتًا الإفصاح عما سيحصل هنا في هذه الساحة، إلترانيوسين، ساحرات، عمالقة، مستذئبون، عباقرة، متحكمو كائنات، متنكرون، صانعو أدوات، مجنحون، أموات، جميعهم موجودٌ ضمن الثلاثين طالبًا هنا"

الطلاب جميعًا في حركة واحدة وضعوا قبضتهم اليمنى فوق الجزء الأيسر من صدورهم وقبضتهم اليسرى خلف ظهورهم وضربوا الأرض بأقدامهم قبل أن يقدموا انحناءة احترام في تزامن مرعب. 

تحرك جليبار للأمام بينما جالت عيناي على الطلاب الذين وقفوا بانتظام ورؤوسهم مرفوعة للأعلى، بعضهم لا يضع تعبيرًا واضحا، وبعضهم غير مهتم والبعض متحمس أو ينظر بسخرية، توقفت عندما وقعت عيني على شعر أبيض اللون بأطراف سوداء وأعين زرقاء فاتحة، بشرة شاحبة ونظرة خالية من الحياة، لم تكن تضع السترة عليها، بل اكتفت بالقميص فقط، إنها الساحرة التي دافعت عن فلرويان بذاك اليوم، أتذكر أن اسمها كان كولد! 

"كل ما عليكم فعله هو إزاحة العلم الأصفر أعلى السور هناك ووضع العلم الأزرق، وبهذا ينتهي اختباركم" تبادلت نظرات غير مطمئنة مع يوجين "لكن هؤلاء الطلاب سيقومون بمنعكم من تنفيذ ذلك حتى إن كلفهم هذا حياتهم. القوانين واضحة؛ إن فاز الفرسان سيتم طرد الثلاثين طالب من الأكاديمية".

حدقت به بصدمة ولم يبدُ أن هناك رد فعل واضح على وجوههم لهذا الشرط! إنهم يدفعونهم للقتال ضدنا بأقوى ما يملكون. "إنه ذلك الفتى!" يوجين جذب انتباهي وهو يحدق بأحد الطلاب، جايدن ذاك هنا أيضًا بابتسامة ضخمة وواسعة.

"عندما يمتلئ المكعب الزجاجي هناك بالرمال بالكامل سينتهي وقتكم، وحينها سيحدد الفائز" نظر الجميع لمكعب زجاجي معلق في الهواء بواسطة السحر، وجسم مخروطي ذو حافة مدببة وممتلئ بالرمال حلق فوقه.

الحكيم جليبار تفحصنا بعينه قبل أن يأخذ خطوة بعيدًا ويرفع يده نحو السماء "وقتكم يبدأ…" ابتسم قبل أن تطلق يده ضربة من النار صدح صوتها في المكان تزامنًا مع قوله "الآن". 

في ثانية كان هناك فجوة سوداء تحت قدمه ابتلعته وبقينا وحدنا في ساحة مغلقة مع ثلاثين طالب مستعد لقتلنا للحفاظ على مكانهم داخل الأكاديمية. 

لم ينتظر أحدنا لثانية، وأولنا كانت ثونار التي صاحت باستمتاع وهي تحلق نحو العلم، كل من كان يقف بجواري ركض نحو الثلاثين طالب دون أي سؤال.

راقبت ثونار التي وقفت في وجهها -كما توقعت تمامًا- تلك الساحرة كولد! ضربة قوية من البرق والجليد تلاقت معًا عندما تصادمت أقدام الاثنتين في الهواء في محاولة كلٍ منهما لركل الأخرى. 

أرتيانو كان يتجاهل الجميع ويبتعد عن كل ضربة ببرود، ولكنه توقف عندما وقف أمامه فتى ذو ملامح طفولية وساحرة تلاعبت بشرارات بين أصابعها، عيني تحركت نحو رومياس الذي لم يندمج مع دراكوس في قتاله مع فتى يبدو ضعف حجمه يقاتله بوحشية وقد تحول نصف تحول ومخالبه كانت زجاجية عكس رومياس. 

أوكتيفيان كان يقاتل أربعة تقريبًا من حاملي الهبات، وأغدراسيل حاول استغلال أجنحته للوصول ولكن منعته مجنحة ذات ملامح باردة حاولت قتله على الفور. 

الجنون دب في المكان كله، حتى هارليك كان يقاتل بيديه مع شخص لم أتبين قوته بالضبط. جوزفين، لافيان، تينر جام وزوندي، جميعهم متشابكين مع خصوم قوية. 

أتريوس كان يلتف حوله ما يقارب الستة طلاب، منهم الفتى جايدن وكان أول من بادر بالهجوم حيث كانت الصخور تظهر من اللا مكان ما إن يلوح بيده، الطلاب الخمسة أخذوا هجوم جايدن كإذن ليهاجموا أتريوس، كان بينهم ساحرة ومستذئب.

أنا وقفت كمتفرجة في الواقع، وأيقنت أنه ما لم تهاجم لن يلاحظك أحدهم في هذا الجنون!

"تعلمين أنه بإمكاني التحليق إلى هناك بسهولة ووضع العلم الأزرق، صحيح؟" أومأت نحو يوجين وأنا أراقبهم وأحاول تبين أي نظام معين في هذا القتال "لكنه سيكون غشًا ومن أحقر الأنواع، فالجميع يحاول بجدية وحينها لن يكون اختبارًا".

ضحك ساخرًا "أي أنكِ تفضلين ألا أتدخل!" أومأت ليتنهد ويتمتم "لمَ لست متفاجئًا؟".

"من الأفضل أن تبتعدي!" صاح يوجين وهو يحلق بعيدًا، وعندما التفت وجدت كولد تركض فوق الأرض وتلمسها بأطراف أصابعها قبل أن ترمي يدها في الهواء بقوة ليرتفع عمود جليدي ضخم نحو ثونار التي حطمته بصواعقها.

قفزت بسرعة بعيدًا وهبطت فوق قدمي أحدق بصدمة بالجليد الذي كاد يخترقني منذ ثوانٍ يغطي نصف الساحة، ما مدى قوة هذه الفتاة؟

"تبدين مستمعة بالمشاهدة"

التفت نحو فتاة صغيرة ابتسمت نحوي بلطف وقد جمعت شعرها الأسود للأعلى، بدت في العاشرة أو الحادية عشر، لن أحكم على مظهرها؛ فهذا ما تعلمته من مكوثي هنا. "أنا آشيا، من تكونين؟" يوجين مال نحوي هامسًا "هل هي مجنونة؟ نحن منتصف معركة".

قررت مجاراتها قائلة "جلنار" أومأت بتفهم وقالت وهي تميل برأسها "لكن الجبانة يبدو مناسبًا أكثر لكِ!" نظرت نحوها بصدمة، لكنها أكملت "تجنب القتال وترك رفاقك يتولون الأمر، أنتِ لستِ من ضمن الفرسان الذين تم الإعلان عنهم، أتساءل من تكونين؟".

كدت أفتح فمي، لكنها قالت بنبرة باردة بالرغم من الابتسامة الضخمة "لا أهتم، سأقتلكِ على أي حال".

الأرض من تحت قدمي ارتفعت بسرعة قبل أن تتحول لرمال وأجد نفسي أهبط بسرعة نحو الأسفل.

أغدراسيل التقط جسدي بسرعة ووضعني فوق الأرضية قبل أن يقف في وجه آشيا التي ظلت تضع ابتسامتها التي بدت مخيفة في هذه اللحظة وهي تتابع بهجمات قوية تحاول تدمير وجه أغدراسيل، صرخة من جانبي جذبت انتباهي حيث فتاة تركض نحوي بتكشيره وتحطمت عظامها لتتحول إلى ذئب بني وضخم كاد ينقض علي لولا رومياس الذي دفعها في المقابل لتحلق مصطدمة بالجدار.

كانت هيئته أخيرًا مندمجة مع دراكوس ولم أستطع قول 'مرحبًا' لأن ذئب أسود اللون ضخم الحجم انقض على رومياس، أيعقل أنه ليكان؟

أبعدت نظري عن رومياس عندما لاحظت انشغال الجميع بالقتال وأن الطريق للعلم فارغ؛ لذلك ركضت بسرعة إلى هناك وكدت أصل للسور لولا أن جسدي اندفع بقوة للخلف، وقعت فوق الأرض ولمحت فتاة بشعر بنفسجي طويل تتقدم نحوي وترفع يدها في وجهي تردد تعويذة ما.

جسدها حلق في الهواء ما إن التفت حولها جذور أتريوس وألقتها بعيدًا عني، أتريوس ينجح في زيادة عدد خصومه!

الفتى جايدن كان مصرًا على قتال أتريوس خاصة، ويبدو أن بشكل مفاجئ أتريوس يستمتع بقتاله، هذا الوقت هو الأفضل لأتريوس على الإطلاق، أراهن على هذا.

نهضت على قدمي وقد اكتفيت من دفاع الجميع عني، وكأن أسابيع التدريب ذهبت هباء، شيء واحد أنا متأكدة منه! بجوار السور الذي يقبع العلم فوقه هناك فتى مكتف ذراعيه يتحكم بالهواء وبالنار، إنه لا يقاتل، هو يحمي العلم من أي شخص يتمكن من العبور خلال هذه المعركة الطاحنة.

هذا يعني أن هناك خطة بين الثلاثين شخصًا وقتالهم يبدو مرتبًا حسب خصومهم، ما إن بدأ القتال كولد وقفت ندًا لثونار ولم يوقفها أحد، أتريوس حاطه ستة وأوكتيفيان ثلاثة، الليكان وقف أمام رومياس وجوزفين أمامه فتاتين وفتى دفعوا المقاتل الشرس داخله لظهور.

تينر جام كان يهاجم بالمخلوقات التي قد تحلق حولنا؛ لذلك هناك مجنح يقف في وجهه وفي المقابل أغدراسيل كانت تقف أمامه مجنحة انضمت لها آشيا تلك.

أرتيانو كان عليه تركيز غريب من ساحرة وعبقري آخر وهارليك كان يتم محاصرته من قبل صانع أدوات، لافيان وزوندي حاولا معًا مقاتلة المستذئب أمامهم، ولكن لا فائدة.

وكأن كل شخص مقيد بأشخاص معينين، إنهم يعرفوننا جيدًا ويعرفون أقوى من في فريقنا وأضعفهم، ربما لم يوفقوا مع رومياس لأنه تطور كثيرًا، لكنهم يعوضون ذلك بتكاثفهم عليه.

الشخص الوحيد الذي لا يعرفون عنه شيئًا هو أنا؛ لذلك لا شخص يضع تركيزه علي! جميعهم يبدون كفوضى، لكنهم يسيرون وفق خطة واضحة لن تلاحظها وأنت تقاتل، إنهم لا يخططون للفوز وقتلنا لأنهم يعلمون أنه مستحيل... إنهم يماطلون لأجل انتهاء الوقت!

نحن لا نقاتل ضمن ترتيب معين، كل شخص يحاول الوصول للعلم، لحسن الحظ… أنا أعرف جيدًا كيف أضع الخطط.

نظرت للسوار حول معصمي قبل أن أبتسم وأبدأ بتنفيذ أنسب خطة للفوز في هذه المعركة.

"اتصل بالفرسان" قلت على الفور وابتسمت عندما بدأ كل واحد منهم بالإجابة واحدًا تلو الآخر. "جلنار، أخبريني أن هذا..." توقف جوزفين يضرب خصمه قبل أن يكمل "مهم!".

ابتعدت عن منتصف الساحة قبل أن أقول "إنه مهم بالفعل! أريد منكم الاستماع جيدًا، انسوا أي ضغينة قد يكنها أحدكم ضد رفيقه في الفريق لخمس دقائق، واستمعوا لي؛ فلدي خطة. يمكنني رؤيتك تدحرج عينك أوكتيفيان!" صحت في النهاية لأسمع ضحكات بعضهم.

"هؤلاء الأشخاص يملكون خطة ويعلمون جيدًا من يقاتلون، إنهم يماطلون لكسب الوقت، لا الفوز. إنهم لا يتوقعون أن نكشف طريقتهم؛ لذلك طريقة قتالكم يجب أن تتغير" تجنبت الصخرة التي حلقت فوق رأسي قبل أن أنظر لآشيا التي وقفت أمامي مجددًا، هذه الفتاة مزعجة!

كادت تتحدث، لكني رفعت يدي لتلتف الجذور حول جسدها وتلقيها بعيدًا، لسبب ما لا أشعر بالذنب حتى. "هل تملكين خطة إذًا؟" صرخ زوندي في أذني لأجيب وأنا أتجنب اندفاع آشيا تلك نحوي مجددًا "نعم، في البداية؛ رومياس، هل يمكنكِ الاعتناء بالمزعجة التي تلتصق بمؤخرتي هنا؟ قم برميها في مكان ما بعيد. ثونار، اتركي كولد، أنا سأعتني بها، وأنتِ أريد منكِ الاعتناء بالفتى الذي يكتف ذراعيه دون قتال على السور هناك. جوزفين، وجه خصمك حيث أغدراسيل وخذ شكل الفتى الذي ستقاتله ثونار، وقف هناك دون قتال".

رفعت يدي لترتفع صخرة أمام وجه المزعجة التي لا تريد تركي وحدي. "أغدراسيل، أريدك أن تتعاون مع أتريوس و أوكتيفيان في إبعاد أكبر عدد منهم عن منتصف الساحة، حاولوا تفريقهم إلى مجموعات من ثلاثة أفراد. هارليك، أحتاجك أن تقوم بإشغال ذلك الليكان عند رومياس، فقط قم باستفزازه والركض؛ فأنت سريع في ذلك. زوندي وتينر جام، لا تتركا شخصًا ينتبه لتحول جوزفين. وأرتيانو… هل يمكنك إيجاد طريقة لإشغال جايدن ذاك بعيدًا عن أتريوس؟ فهو وحده أقوى من ثلاثة أشخاص. لافيان، استخدم قطع الجليد التي تصنعها كولد كأسلحة".

أخذت نفسي وقلت بنبرة نهائية "هذه المرة تعاونوا!". لمحت الابتسامات على وجههم قبل أن يبدأ كل شخص فيهم بالتنفيذ، رومياس ركض نحو آشيا وهارليك وقف في وجه الليكان.

كولد لم تترك ثونار ولم أرد منها أن تنتبه لأين تذهب ثونار؛ لذلك وقفت في وجهها أمنعها من الحركة، نظرت نحوي ببرود قبل أن تحرك يدها بهجوم من الجليد، أطلقت النار في المقابل وأذبت جليدها بالكامل قبل أن أركض ناحيتها وأنا أدفع جسدي للركض بسرعة، وقبل أن تشتعل قدمي لأركل وجهها بقوة.

جسدها ارتمى بعيدًا، ولكنها هبطت فوق قدمها ولمست وجنتها التي احترقت قبل أن ترفع عينها نحوي بغضب. بطرف عيني لاحظت حركة الجميع التي تغيرت وهذا أربك طلاب أولبابوس. نظرت للرمال التي تملأ المكعب، لا نملك وقتًا.

إبعاد انتباهي عن كولد كان خطأ؛ لأنها اندفعت نحوي بقوة والجليد يتبعها كظلها لتمسك بجسدي تدفعه نحو الجدار، وبلمسة كان جسدي يتحول لدمية مجمدة.

البرودة التي اندفعت داخلي والشلل الذي أصاب جسدي أرعبني، ووجدت نفسي أنفجر بالنيران لتحيط جسدي وتدفع كولد للقفز بعيدًا بسرعة، الدفء عاد مجددًا لجسدي وكان دوري لرد الهجمة، لم تكن النية انفجارًا ضخمًا كما حدث، لكني فجرت المكان الذي كانت تقف فيه وهذا جذب انتباه بعضهم لي.

"هذا الفتى قوي واللعنة!" صوت ثونار وصلني وبطرف عيني لمحتها تحاول إبعاد الفتى "لا داعي للقتال، ثونار! استخدمي تعويذة ما وأفقديه الوعي" صحت بها لتصرخ في المقابل "علي لمسه وهو لا يسمح بهذا!" في المقابل صدح صوت أرتيانو المنزعج "هل يمكنكما التوقف عن الصراخ في إذني؟".

علي التخلص من كولد قبل أن يقف جوزفين مكان الفتى الذي تحاول ثونار هزيمته، لكن كولد ليست ساحرة عادية! أرتيانو انضم لي فجأة وحرك جسده قبل أن يقول "أظن أني سأراوغها". ركض ناحية كولد التي هاجمته بقوة، ولكنه ببساطة يقفز بعيدًا عن هجماتها أو فوقها حتى ويتجنبها جميعًا.

هجوم من الصخور اتجه نحوي من اليمين؛ فرفعت يدي بسرعة لأمنعه من سحقي، الصخور توقفت ولوحت بيدي نحو كولد ألقي الصخور عليها.

وقف أمامي جايدن بنظرة مصدومة قبل أن يصيح "كيف ألغيتِ تحكمي في الصخور؟" رفعت كتفي كعلامة على عدم معرفتي. "هل استسلمت؟" أتريوس الذي ظهر من خلفي يحدث جايدن دفعه الأصغر للابتسام بقوة "لن يحدث أبدًا، سيد فلرومان".

نظرت لأتريوس وقلت "إنه طفل، لا تنسَ هذا" ضحك بقوة قبل أن يقول "حاولي تذكيره بهذا إذًا". لم أفهم ما يعنيه أتريوس إلا عندما اندفع جايدن نحوه بقوة ويده تحولت لصخر وكاد يلكم وجه أتريوس، ولكنه صدها.

هذا ليس هجوم طفل!

لاحظت أن الجميع كان يُسحب بعيدًا عن منتصف الساحة كما طلبت وطلاب أولبابوس لا يدركون ذلك. صوت ثونار صدح وهي تصرخ "انتهى أمر الفتى!" صوتها تبعه صوت جوزفين قائلًا "أنا آخذ مكانه، أنا الآن أحد طلاب الأكاديمية".

ابتسمت وصحت بلافيان "تم تقسيم الطلاب لمجموعات من ثلاث أشخاص وهم لا يدركون ذلك. لافيان، استخدم جليد كولد وحاصرهم!".

ضحك وهو يصيح "ذكية!". ركضت عبر منتصف الساحة نحو العلم ورأيت بعضهم ينظر نحوي، لكنهم لم يتركوا قتالهم لظنهم أن صديقهم عند السور سيوقفني، لا يعلمون أن ذلك جوزفين.

كدت أصل للسور، لكن جسدي تم ضربه بقوة ليعود للخلف فوق الأرض، آشيا وقفت أمامي وتقدم جايدن الذي ينظر نحوي بإعجاب "لا أصدق أنكِ وضعتِ خطة كهذه! لقد كادت تنطلي علي بالفعل، لقد تركنا الشخص الوحيد دون قتال فخطط من أجل الجميع، واه! أنتِ رائعة".

نظرت لأتريوس الذي انشغل مع الليكان يمنعه من التدخل "من تكونين بالضبط؟" كولد هبطت بجوارهما وأرتيانو كان محاصر من قبل المجنحة التي كانت تقاتل أغدراسيل سابقًا "لن نخسر مكاننا في الأكاديمية بسببكم".

فتى ذو شعر أسود وأعين فضية وقف بجوار جايدن أمامي وبنظرة باردة موجات من الماء التفت حوله.

"إنها أضعف من أن يعتني بأمرها أربعة منا؛ فلا أتذكر أنها من ضمن الفرسان الذين تم الإعلان عنهم، دعوها لي" آشيا نطقت وهي تتقدم.

عيني حلقت للمكعب الزجاجي الذي يكاد يمتلئ لأتنهد وأنظر لأربعتهم "أعتذر يا رفاق، لكني سأبذل جهدي حتى لا يطرد أحدكم" ابتسمت بثقة ليحدقوا بي بتعجب في المقابل، لم أرد فعلها بطريقة قوية، ولكن الوقت ينتهي تقريبًا ويمكنني القول أني أملك دقيقة.

لم يصبروا علي لأن آشيا رفعت الصخور خلفها وكولد رفعت جليدها، كما استعد الفتى ذو الشعر الأسود للهجوم بالماء وجايدن انحنى نحوي قائلًا "لن أكون قاسيًا معكِ" والجذور التفت من حوله.

أغمضت عيني بهدوء وتجاهلت الضجة من حولي، يدي لمست الأرض قبل أن أشعر باهتزازها تحت قدمي. هيئتهم كانت من السهل رؤيتها بالرغم من إغماضي لعيني، هاجمت كل شخص منهم وأنا أدفع بالصخور نحوهم جميعًا.

لم يكن ذلك كفيًا، لأن الليكان ذاك قفز نحوي مستشعرًا خطورتي؛ لذلك فتحت عيني ولوحت بيدي نحوه لتشتعل النيران في وجهه. جذور مشتعلة خرجت من كل مكان تقيدهم بقوة قبل أن ترتفع الأرض من تحتي. نظرت لهم جميعًا وتفاجأت بجايدن يندفع للأعلى ويحاول لكمي، تبعه الجميع تقريبًا وقد تركوا خصومهم ووضعوا اهتمامهم علي.

سأحتاج أكثر من عنصر لهذا! الأرض النار والماء ثلاثتهم اندفعوا يلتفون حولي كزوبعة ما إن التففت حول نفسي بسرعة، وفي النهاية تمكنت من عنصر رابع… الهواء!

تشكلت حولي عاصفة من أربعة عناصر تمنع أي شخص من الاقتراب، ولم يوقفني وسوى صراخ ثونار بـ "فزنا!"

قبضت يدي لتختفي العناصر من حولي وأهبط بقوة على الأرضية، صوت الضربة القوية ذكرني بركبتي التي هبطت عليها والتي ستؤلمني لأسابيع.

الهدوء كان السيد في هذه اللحظة، وما إن رفعت عيني نحوهم وقعت على جايدن الذي يحدق بي بصدمة قبل أن يهمس "عينك... صفراء!".

صوت قوي اندفع في المكان معلنًا نهاية الوقت واتجهت عيني لثونار التي استلقت فوق السور بجوارها علم أزرق رفعته أخيرًا.

رميت جسدي على الأرض كعادتي بعد أي قتال أتنفس الصعداء. لقد استعملت أربعة عناصر في الوقت ذاته... وكان شعورًا رائعًا، لا يمكن وصفه حتى. "أنتِ حقًا مليئة بالمفاجئات" نظرت لأغدراسيل الذي مد يده نحوي لأمسك بها وأنهض.

وجوه طلاب أولبابوس كانت أخيرًا مختلفة عن التعبير البارد الخالي من المشاعر، كان البعض مصدومًا والبعض كاد ينهار، سيتم طردهم!

ذلك ليس عادلًا أبدًا، لمحت آشيا واقفة تنظر نحوي بأعين واسعة تلمع بسبب الدموع. "لقد فاز الفرسان" الفتى ذو الشعر الأسود أعلن وكأنه أمر حتمي، ووجدت الغالبية تكبت الكثير من الغضب وربما الحزن.

"هذه القوانين" همس جوزفين ما إن وقف بجواري وقرأ ما أفكر به، اللعنة على القوانين!

"لن يطرد أحد" قلت بصوت عالٍ دفع الجميع لنظر نحوي باستنكار، أخذت نفسًا قبل أن أكررها بصوت أعلى "لن يطرد أحد!".

التفت أسير نحو بوابة الساحة التي انفتحت وحدها ما إن وقفت أمامها. "ما الذي تخططين له؟" أتريوس ويوجين؛ كلاهما سأل في الوقت ذاته وهما يسيران بجواري "سأستغل بطاقتي" أتريوس ابتسم وقد فهم ما أعنيه، ولكن يوجين ظل يسأل بغباء عن مقصدي.

توقفت عندما رأيت كل من الحكيمين يتحرك نحو الساحة، ثم وقفا أمامي. "مبارك، اجتزتم الاختبار" جليبار قال ما إن توقف، لكني لم أبتسم حتى. "لن يتم طرد الطلاب" نبرتي دفعت جليبار لرفع حاجبًا "لقد وافق كل طالب شارك في الاختبار على هذا القانون؛ لذلك..." صمت ثانية، لكني لم أترك لهم فرصة "أنا أطالب بهذا كابنة التوبازيوس".

كان دور الحكيمة لتتفاجأ؛ فطيلة الوقت كنت أنكر حقيقة أني ابنة التوبازيوس. "لا يمـ..." قاطع حديثه وهو ينظر نحوي يراجع كلماته قبل أن ينظر للحكيمة. "أي أنكِ تعترفين بأنكِ ابنة التوبازيوس؟" سأل فجأة بابتسامة لأتنهد أومئ برأسي "نعم، من الصعب الإنكار، أنا ابنة التوبازيوس وقائدة الفرسان، أطلب ألا يتم طرد الثلاثين طالب من الأكاديمية، وقوفهم في وجه الفرسان لآخر دقيقة كفيل بإثبات أنهم أفضل من أن يتم وصفهم بالنخبة، الأكاديمية ستكون الخاسرة إن تم طردهم".

توقعت المزيد من العناد والرفض، لكن ما لم أتوقعه هو ابتسامتهما وإيماءة من رأس جليبار "إن كان هذا ما تطلبينه، لكِ هذا" طرفت بدهشة قبل أن أصرخ "حقًا؟" يوجين رفع حاجبًا وعلق ساخرًا "في ثانية تحيطك هيبة ابنة التوبازيوس، وفي ثانية أخرى تنجحين في قتلها حتى آخر ذرة فيها".

"لم أكن سأطردهم منذ البداية، هؤلاء الطلاب هم الأفضل، كما... يسعدني لقاء ابنة التوبازيوس شخصيًا" امرأة طويلة القامة طرق كعب حذاءها في المكان وهي تتجه نحونا، نظرة ثابتة رمادية وأعين حادة وابتسامة تشعرك بأن خلفها شيئًا ما، وعظمتَي وجنتيها كانتا أكثر الأشياء بروزًا في وجهها.

"سليفيا جاميرا، مديرة أكاديمية أولبابوس، إنه لشرف لي أن تمدح ابنة التوبازيوس طلابي شخصيًا" حاولت عدم وضع أي تعبير حمقاء وأومأت، لكن تجمدت عندما تغيرت نبرتها لأخرى أكثر برودًا "بل ويسعدني رؤية إلى أي مدى قد تصل قوة ابنة التوبازيوس" زوايا شفتيها التي ارتفعت في ابتسامة هادئة غير مريحة كانت مزعجة.

بالرغم من ذلك ثبت عيني عليها بثقة ورفعت حاجبًا قائلة بثقة "أراهن على أنكِ لم تري شيء بعد!" حاجبها ارتفع لثانية، لكن صراخ هارليك الذي ركض نحوي منع أي محادثة مخيفة أخرى عن أن تنشأ بيننا.

ابتسمت باتساع نحو هارليك الذي يصرخ بفخر "لقد قاتلت دون استخدام قدرتي، وأنتِ كنتِ رائعة، لقد كنا كفريق حقيقي! لقد وقفت في وجه ليكان، اليوم أفضل أيام حياتي!" رومياس بعثر شعره قبل أن يرفع نظره نحوي ويومئ "أحسنتِ أيتها القائدة، أشعر بالراحة لأني سأقاتل في صفك".

اتسعت عيني بصدمة. "إنه لشرف أن قاتل جنبًا بجنب مع ابنة التوابازيوس" لافيان الذي تبعه الجميع ابتسم بالرغم من نبرته الجدية. "أفضل قائدة في العالم!" ثونار صرخت وهي تقفز ملوحة بيدها.

أوكتيفيان تقدم واقفًا أمامي بنظرة جامدة قبل أن يومئ برأسه "شكرًا لقيادتنا اليوم، جميعنا تحت خدمتكِ..." أخذ نفسًا قبل أن يقول بابتسامة جانبية "قائدة".

يده اليمنى ضربت صدره كما فعل الجميع وانحنى باحترام ليتبعه تسعة فرسان آخرين بنفس الحركة، إلا واحد وقف بابتسامة جانبية وغمز بعينه الزجاجية نحوي قبل أن يومئ برأسه كشكر وينحني بخفة.

"أيها الفرسان" الجميع نظر للحكيمة التي حدقت بنا لأول مرة دون أي نظرات حادة "لقد انتهت فترة تدريبكم في هذه اللحظة".

حدق بها الجميع بصدمة قبل أن يصرخ لافيان وزوندي محتضنين بعضهما بقوة وهما يقفزان بسعادة، وهارليك جلس فوق الأرضية وتنفس الصعداء.

"في النهاية؛ حتى البشر يمكنهم أن يكونوا قادة" الحكيمة قالت بابتسامة صغيرة ما إن عبرت بجواري وربتت على كتفي مع جملة "أحسنتِ عملًا" وذهبت. "إنه لشرف أن تكوني أنتِ ابنة التوبازيوس" الحكيم جليبار قال بابتسامة واسعة وأومأ برأسه قبل أن يتبع الحكيمة.

مديرة أولبابوس تحركت واستأذنت لتفقد طلابها بينما ظهرت سكارليت ووزعت زجاجات من المياه علينا جميعًا قبل أن ترشدنا لمخرج الأكاديمية.

توقفت عندما صرخ أحدهم بـ "أيتها السيدة الصفراء!" رفعت حاجبًا والتفت نحو صاحب التسمية الفظيعة ولم أتفاجأ كثيرًا عندما رأيت جايدن يقف أمامي منحنٍ وهو يضع يده فوق ركبتيه يحاول تنظيم أنفاسه. "أنت مزعج يا هذا" أتريوس الذي تحرك ليقف بجواري كتف ذراعيه وحدق بوجه جايدن المحمر لكثرة التعب بينما هناك جرح سيء أعلى رأسه.

البقية ألقوا نظرة علينا لأومئ لهم بـ 'لا بأس' فالتفتوا مكملين طريقهم. "نحن لن نطرد!" رفعت حاجبًا نحوه قائلة "لقد وعدتكم بهذا، كما أني لا أظن أن خططهم من البداية كانت تتضمن طردكم" نظره انتقل بين وجهي ووجه أتريوس وفمه انفتح وانغلق أكثر من مرة في تردد. "لنذهب" أتريوس قال يلتفت ليذهب.

"من تكونين؟" توقف كلانا ونظرت نحوه بتعجب ليردف "فقط للتو استخدمتِ أربعة عناصر في ذات الوقت، الشخص الوحيد الذي يتحكم بأكثر من عنصريين هو الملك سافيينج، ولكنه لا يتحكم بها في الوقت ذاته أبدًا! كيف فعلتِ هذا؟ أنتِ من النبلاء؟ أعني لا تبدين كذلك، ظننتك من الحدود كالسيد فلورمان، لكن..." توقف يأخذ أنفاسه يحاول ترتيب الجمل التي سيقولها. "أنت من سكان الحدود؟" نظر نحوي قبل أن يومئ برأسه "أنا من نورث". 

ابتسمت نحوه، ولكنه قال "أنا الطالب الوحيد هنا من الحدود، جميع الموجودين من النبلاء، سواء في الإلترانيوس أو من النخبة من باقي الممالك، السيد فلرومان كان البرهان الوحيد أن حتى سكان الحدود بإمكانهم أن يكونوا أقوياء، أقوى من النبلاء وأقوى من الجميع، سأثبت أنه بإمكان سكان الحدود أن يكونوا قادة وملوكًا أيضًا، لكن اليوم… إن كان النبلاء بقوتك فهذا يعني…" انخفض كتفيه بإحباط.

لكنه أخذ نفسًا ورفع رأسه لي بنظرة قوية وابتسامة واسعة "لا أهتم، حتى وإن تمكنتِ من العناصر الأربعة سأهزمكِ إن تنازلنا مجددًا".

هذا الفتى! حقًا غير معقول.

ربت على كتفه وسألت "اسمك جايدن، ها؟" أومأ برأسه لأميل نحوه هامسة "سأخبرك بسر، وبالرغم من أني لا أعرفك جيدًا، لكني أثق بشكل غريب بك".

اتسعت عينه العسلية بفضول وأومأ بسرعة "أنا لست من النبلاء، هناك من يقول أننا أضعف من في العالم... الجميع كان يعرف أن أمري ميؤوس منه، ولكن مع القليل من الإصرار والثقة في مدرب جيد ستصبح أفضل من الأكاديمية مجتمعة".

عقد حاجبيه يحاول فهم ما أقول "صدق أو لا… أنا بشرية، إن تمكنت بشرية من التحكم في أربعة عناصر... فيمكن لجايدن من الشمال أي يكون أي شيء يريد".

الفتى ظل يحدق بي بفم واسع وأعين مصدومة، اعتدلت أنا في وقفتي، التفت نحو أتريوس الذي رفع حاجبًا وسخر "تدركين أنه طفل قد يثرثر في كل مكان" رميت نظرة نحو جايدن قبل أن أقول "أدرك أنه ليس كأي طفل عادي".

التفت نسير خارج الأكاديمية وقبل أن أعبر البوابة داخل المبنى وصلني صراخ جايدن بـ "سركِ في أمان، لكن لم أعرف اسمك!" ضحكت ونظرت نحوه صارخة "جلنار!".

"كلاكما مزعجان كاللعنة" 

ضربت كتف أتريوس بانزعاج وعبرت الأكاديمية للخارج.

يبدو أن هذا اليوم ليس سيئًا في النهاية.


**************************************

اخيراااا الفصل خلص

الفصول القتاليه بتحمسني اويي وانا براجعها

اتمنى الفصل يكون تعويض عن الفصل القصير الي قبله

جايدن بالنسبالي يعتبر شخصية بطوليه بامتياز من الي ممكن يتعمله روايه خاصه بيه -مش بلمح لحاجه- بقول بس انه لما كتبت شخصيته حبيت اميزه

لان في كل روايه، هتلاقي بطل تاني مستخبي في صفحاتها مستني روايته الخاصه تتكتب

دلوقتي فقرة تسااااااااؤلات

ايه السؤال الي جه في بالكم وانتم بتقرأوا الفصل؟

بس 

لوف يو

باي

تعليقات

  1. ثالث تعليق 🥳😂
    اروح أحضر السحور واحب اقراه بقق 🥲😂

    ردحذف
  2. عندي سؤال جلنار مدامها ابنة التوبازيوس وقدراتها مالها حدود ليه ماظهر لها قدرة الشفاء ؟؟

    ردحذف
  3. سؤال متى يظهر السيد اكس الي يفضح تصرفات النبلاء ..

    ردحذف
  4. أجمل فصل
    عندي تعليق بسيط بما ان جوزفين اخذ مكان الطالب بجانب العلم كان بامكانو تغيير العلم ببساطة

    ردحذف
  5. اخييييرآ المعركة المنتظرة قربت ♥️♥️♥️...حقيقي بارت ف غااااية الإبداع ♥️🥹

    ردحذف
  6. السؤال عن ابو اوكتيفيان وماضي اوكتيفيان 💜

    ردحذف
  7. كم مازال على الفصل التي ستزور فيه جلنار كوكب رومياس

    ردحذف
    الردود
    1. تقريبا بارتين او ثلاث على ضوء القمر واحد قبله وواحد بعده

      حذف
  8. عندي سؤال: هو ممكن جوزفين يكون من الشلة لي رح تموت بعد الحرب؟😢 انا لا اريد ذلك بالطبع، انا اتساءل لأن علاقته بثونار تفرض هذه النهاية التراديجية و ماضيه الكئيب راح يموتنا بكى عليه

    ردحذف
    الردود
    1. لا معلش لو مات جوزفين معي تذكرة جاهزة لتركيا وعارفة كيف شكل جميلتنا إسراء😊💜💜💜

      حذف
  9. بصراحه التعليق اللي خطر ببالي متى حيكون الفصل الجاي ان شاء الله نفس الموعد ومطوليش علينا بالنسبه للفصل كان فضييييع رغم اني اعيده للمره الرابعه عشان انا من القدامى بس كل مره اقراه بحماس كأنها اول مره بجد انتي فضيييييعه بحبك اوي ❤

    ردحذف
  10. ابتدى الحماس وقربنا جدا من الحرب

    ردحذف
  11. مش عندى فكره اى اسئله مفروض اسألها بالضبط ؟ 🤔

    ردحذف
  12. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  13. ماعندي تساؤل عندي توقع كل مره يجي فبالي ان بالاخير كل هذا بيكون حلم لها بغرفتها وتصحي تروح الجامعه عادي

    ردحذف
  14. كثير لنا من جايدنات يا جميله

    ردحذف
  15. وياااا إسراء انا من الجيل القديم نشتي نعيد على البارتات الجديده إذا ممكن 🙂🖤

    ردحذف
  16. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  17. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  18. عد تنازلي للفصول الجديدة
    "تسعة"

    ردحذف
  19. ❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  20. بجننوا بجننوا 😭😭
    حماس هارليك افضل اشي بالحياة واكوتفيفيااان قال لجلناار يا قائدة!!! امبوسيبول 😭😭
    اتعب وانا اقول أني بحب اتريوس وعلاقته بجلناار ديف بوقف معها دايما بغض النظر عن الموقف واسا دافع عنها 🥲🥲😍

    ردحذف
  21. ودي اشوف شنو راح يصير من تخلص الحرب وترجع للأرض

    ردحذف
  22. مستنيه بارت حقيقة اتريوس 🥹♥️♥️♥️♥️🙈

    ردحذف
  23. حد شايف شكل المدونة الجديد؟؟

    المدونة لابسة لبس العييدد!!! 😭😭😭✨✨✨✨

    ردحذف
  24. افتقد تعليق أرتيانو 😭😭😭 لييش ماقال شي ، كنت ابيه يفول كلمة اقل شي مدح كذا ولا كذا 😭😭😭

    ردحذف
  25. القتتااالللل رررهههههييببب!!!!!! عااااا قعدت اتقلب بمكاني من الحماس وكل شوي اعدل جلستي ما اقدررر

    ومشهد الفرسان وهم ينادون جلنار بالقائده ولما انحنوا لهاا صصررخخختتتتت يييجججنننننن

    وخطتها وتعاونهم مع بعض اسطوري اسطوريي! هم لحالهم رهيبين بس لما اتفقوا كلهم على خطه وقاتلوا مع بعض؟ انفاسي انكتمت من الفصل هذا

    فخر يا جلنار فخر.. اخيرا اعترفت بكونها ابنة التوبازيوس تمامًا وبثقة كاملة!
    ومشهد تحكمها بالعناصر الاربعة مع بعض خلاني اكتم صرخة حماس بقووة عشان ما اتفشل قدام الناس هههههههه

    توبازيوس وشخصياتها>> ❤️‍🔥❤️‍🔥

    ردحذف
  26. غمزة اتريوس قبل لا ينحني لها مع باقي الفرسان😭😭😭 وققععتتت

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفصل الأول | أقل من العادية

الفصل الثامن والأربعين | كالبشر

الـــمقدمة